تأريخ الشيعة الجعفرية في اليمن دوشنبه ۱۶ اسفند ۱۳۹۵ 8:16

فأسلمت قبيله همدان كلّها في يوم واحد، وكتب بذلك إلى رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، فلمّا قرأ كتابه خرّ ساجداً ثمّ جلس فقال: 

«السلام على همدان، السلام على همدان»

 ثمّ تتابع أهل اليمن على الإسلام(1).

فكان تمسّكهم بعرى الإسلام على يد عليّ _ عليه السلام _، وصار هذا أكبر العوامل لصيرورتهم شيعة. 

وفي ظلّ هذا الولاء ضحّوا بأنفسهم و نفيسهم بين يدي عليّ _ عليه السلام _ في حروبه وتفانوا في ولائهم للأئمة الاثنى عشر أيما تفاني.

أضف إليه أنّهم سمعوا من المصطفى _ صلى الله عليه وآله وسلم _ فضائل إمامهم علي - عليه السلام -  ومناقبه غير مرّة ، وهذا ممّا زادهم شوقاً وملأ قلوبهم حبّاً وولاءً له ، فقد روى المحدثون :

 أنّ اليمانّيين طلبوا من النبيّ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ أن يبعث إليهم رجلا يفقّههم في الدين ويعلّمهم السنن ويحكم بينهم بكتاب الله ، فبعث النبيّ _ صلى الله عليه وآله وسلم _ علياً وضرب على صدره وقال : « اللّهمّ اهد قلبه ، وثبّت لسانه» . قال الإمام عليّ _ عليه السلام _ :

« فما شككت في قضاء بين اثنين حتّى الساعة» (2) .

بقي الإمام عليّ _ عليه السلام _ بينهم مدّة يفقّههم في الدين، ويقضي بكتاب الله، ويحلّ المشاكل القضائية بما تنبهر به العقول .

ومن هنا تتوضّح الصورة عن حقد الأُمويين على أهل اليمن وقسوتهم في تعاملهم معهم ، كما فعل ذلك بسر بن أُرطاة عند حملته على اليمن ، حيث لم يترك محرّماً إلاّ استحلّه ، ولا جريمة إلاّ فعلها فلحقته اللعنة في الدارين .

نعم إنّ شيعة أهل اليمن كانوا من خلّص شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب _ عليه السلام _ ، فلا غرو ولا غرابة أن يذكرهم في شعره بقوله :

فلو كنت بوّاباً على باب جنّة 

 لقلت لهمدان ادخلي بسلام

وممّا يدل على فرط حبّهم وولائهم لعليّ _ عليه السلام _ ما قاله سيّدهم سعيد بن قيس الهمداني ـ رضوان الله عليه ـ في وقعة الجمل :

قل للوصيّ أقبلت قَحطانُها 

 فادع بها تكفيكها هَمدَانُها

همُ بنوها وهُم أُخوانها(3)

وقد ناضلوا خلال التاريخ كثيرا  

و الى اليوم تعتبر الشيعة الإماميه الإثناعشرية إحدى الفرق المميزة في الساحة اليمنية 

ونسبة معتنقي هذا المذهب يزدادون سنويا .

وتتوزع فعاليات الشيعة الإثنى عشرية على فتح المكتبات وإقامة المراكز الإسلامية، ونشر الكتب والأشرطة الشيعية، وطباعة الكتب والنشريات الشيعية، الإثنى عشرية وإقامة المآتم والاحتفالات والدورات وغيرها من الأعمال المختلفة .

كما يعتبر للاهتمام بقضية الإمام الحسين عليه السلام وتخليد ذكرى عاشرواء المحزنة وإقامة مآتم العزاء ومجالس أهل البيت عليهم السلام الدور الأكبر في الدعوة إلى المذهب الشيعي الإمامي الإثنى عشري .

ويتزايد عدد معتنقي هذا المذهب في أيام محرم وصفر وشهر رمضان المبارك كنتيجة إيجابية للدور الهام الذي تضطلع به مجالس العزاء والتوعية والإرشاد في هذه الشهور المكرمة .

ومن أهم الأسباب التي تدعو الناس - في اليمن - لاعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) هي :

1- الفراغ العقائدي القاتل، وعدم مواكبة الفكر الوراثي للاحتياجات الفتوائية الرصينة المعاصرة، وعدم تلبيته لمتطلبات الروح في عصر المادية العمياء تلك المتطلبات التي من أهمها الغذاء الروحي متمثلا في مجالس الدعاء والعزاء ودروس الأخلاق، ووجود مرجعية دينية مؤسساتية مقتدرة .

2- وجود الاستدلالات التحقيقية الدقيقة في كتب الإثنى عشرية، وحل الملابسات الشائكة في تاريخ الإسلام وخصوصا تاريخ الصدر الأول من الحقبة الزمنية للخلافة الإسلامية، وتقديم البديل الأمثل على مستوى الأئمة والقدوة والمرجع الديني والحلول المعاصرة والمواكبة لمتطلبات الإنسان المسلم المعاصر .

3- للتشيع الدور البارز للنهوض بالأمة ومناهضة الاستكبار العالمي وحمل قضايا الأمة الإسلامية الكبرى والدفاع عنها 

4- يمتلك التشيع قوة فكرية ثقافية جبارة مستمدة من الوحي و الأئمة الإثنى عشر - عليهم السلام - ومراجعهم الأعلام وهذه القوة لا يمتلكها غيرهم مما جعلهم طليعة هذه الأمة في الدفاع عن الإسلام  فكريا وثقافيا وسياسيا وحتى عسكريا ضد الحركات العالمية المناوئة للإسلام والمسلمين . 

وهنالك أسباب أخرى جعلت التشيع يتوسع أكثر ويأخذ مكانه من هذه الأمة بعد أن غيبته السلطات الظالمة من بعد رحيل النبي - صلى الله عليه و آله - وإلى يومك هذا لا يزال يحارب من قبل فراعنة العصر وطغاتها .....

____________

(1) ابن الأثير ، الكامل: 2 : 300 في حوادث السنة العاشرة ،ط دار صادر .

(2) كنز العمال: 6 : 158 و 392 باب فضائل عليّ .

(3) ابن ابي الحديد شرح نهج البلاغة : 1 : 144 ـ 145 .

نوشته شده توسط محمد باقر انصاری  | لینک ثابت |